الإمام المصلح محمد بن عبد الكريم المغيلي
صفحة 1 من اصل 1
الإمام المصلح محمد بن عبد الكريم المغيلي
كنيته و مولده و نشأته:أبو عبد الله، محمد بن عبد الكريم بن محمد المغيلي التلمساني ، [ و المغيلي : بفتح
الميم نسبة إلى مغيلة قبيلة من البربر استوطنت تلمسان ووهران و المغرب
الأقصى، وهي فرع من قبيلة صنهاجة كبرى شعوب الأفارقة البيض (انظر وصف
إفريقيا 1/36،38)] ولد في مدينة تلمسان سنة 790 هـ / 1425 م ، من عائلة
راقية النسب ، و مشهورة بالعلم و الدين و الشجاعة في الحروب و هو يعتبر
العالم رقم عشرين في سلالة المغيليين التي تبتدأ بإلياس المغيلي [ و هو ذلك
العالم البربري الذي اعتنق الاسلام ، وحمل لواء الجهاد فكان له شرف
المشاركة مع طارق بن زياد في فتح الأندلس ]، والده عبد الكريم اشتهر بالعلم
و الصلاح ، كما أن أمه اشتهرت بأنها سيدة فاضلة تحب الفقراء و المساكين و
تنفق عليهم بسخاء، و قد قام هذان الوالدان بتربيته و تنشئته تنشئة حسنة .
طلبه العلم و شيوخه:
حفظ القرآن الكريم على يد والده و الذي علمه
أيضا مبادئ العربية من نحو و صرف و بيان كما قرأ عليه أيضا موطأ الامام
مالك و كتاب ابن الحاجب الاصلي ، انتقل بعدها ليدرس عند الإمام الفقيه محمد
بن أحمد بن عيسى المغيلي الشهير بالجلاب التلمساني ( ت سنة 875 هـ )، و
الذي أخذ عنه بعض التفسير و القراءات ، ولقنه الفقه المالكي ، فقد ذكر
المغيلي انه ختم عليه المدونة مرتين ، و مختصر خليل و الفرائض من مختصر ابن
الحاجب ، و الرسالة.
كما تلقى العلم عن علماء و شيوخ تلمسان منهم :
- عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن علي بن يحيى الحسني أبو يحيى التلمساني ( 826 و
قيل 825 هـ ) ، عالم بالتفسير حافظ محدث من أكابر فقهاء المالكية ، قال
عنه أحمد بابا في [ نيل الابتهاج ص 171] : " بلغ الغاية في العلم والنهاية
في المعارف الإلهية وارتقى مراقي الزلفى ورسخ قدمه في العلم وناهيك بكلامه
في أول سورة الفتح ولما وقف عليه أخوه عبد الله كتب عليه : وقفت
على ما أولتموه وفهمت ما أردتموه فألفيته مبنيا على قواعد التحقيق
والإيقان ، مؤديا صحيح المعنى بوجه الإبداع والإتقان بعد مطالعة كلام
المفسرين ومراجعة الأفاضل المتأخرين".
- محمد بن إبراهيم [ بن يحي حسب الونشريسي
في المعيار ] بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله ابن الإمام أبو الفضل
التلمساني ( ت 845 هـ ) " عالم بالتفسير والفقه مشارك في علوم الأدب والطب
والتصوف من أهل تلمسان، قال عنه
السخاوي في ( الضوء اللامع 10/740) : " ارتحل في سنة عشر وثمانمائة فأقام
بتونس شهرين ثم قدم القاهرة فحج منها وعاد إليها ثم سافر إلى الشام فزار
القدس وتزاحم عليه الناس بدمشق حين علموا فضله وأجلوه ." انتقل
بعدها الى بجاية حيث أخذ عن علمائها التفسير و الحديث الشريف ، و الفقه و
كانت بجاية حينئذ احدى حواضر العلم و الثقافة العربية الإسلامية،و كيف لا
يقصدها و قد اصبحت قبلة العلم والعلماء، إذا كانت هذه الحاضرة قد استعانت
بعلماء المشرق في نشر العلم ، ثم سرعان ما أنجبت وخرجت علماء كثيرين سار
بذكرهم الركبان ليس فقط في المغرب الأوسط أو المغرب الكبير بل وذاع صيتهم
في المشرق العربي حيث تولى بعضهم التدريس والقضاء في الشام وبغداد و مصر انكب المغيلي على الدراسة في بجاية ، تلقى خلالها علوم جمة على يد علماء أجلاء أمثال:
- الشيخ أحمد بن إبراهيم البجائي (ت سنة 840هـ/1434م)، إمام جليل، اشتهر بالتفسير و الفقه، تتلمذ له المفسر المشهور الثعالبي.
- منصور بن علي عثمان - أبو علي الزواوي
المنجلاتي، من فقهاء و علماء بجاية ، و من ذوي العصبية و القوة فيها ، و
كان من أصحاب الرأي و التدخل في الأحداث السياسية لمكانته المرموقة.
قال عنه السخاوي في الضوء اللامع : " رأيت من قال انه الزواوي العالم الشهير ، و انه مات بتونس 846 هـ "
كما أخذ عن غيرهم من العلماء منهم يحيى بن
نذير بن عتيق أبو زكريا، التدلسي: " القاضي، من كبار فقهاء المالكية، من
أهل تدلِّس، تعلم بتلمسان وولي القضاء بتوات، أخذ عنه محمد بن عبد الكريم
المغيلي " [ تعريف الخلف 1: 196] و
ابي العباس الوغليسي، و يذكر المغيلي: " أنه قرأ الصحيحين ، و السنن و
موطأ الإمام مالك ، و الفقه المالكي ، و لم يكتف عبد الكريم المغيلي بما
تحصل عليه من علوم في تلمسان و بجاية بل راح يبحث الاستزادة من رحيق
المعرفة، فتوجه مباشرة إلى الجزائر أين اتصل بالمفسر المشهور - عبد الرحمن
بن محمد بن مخلوف بن طلحة الثعالبي صاحب التفسير المشهور (الجواهر الحسان) ،
و لازمه ملازمة لصيقة ، و قد أعجب الإمام الثعالبي بالطالب المغيلي و
بفطنته و ذكائه ، فزوجه ابنته اعترافا منه بعلمه و فقهه و أدبه.
العلماء في عصر المغيلي :
عاش الامام المغيلي في فترة شهدت بروز
العديد من المفسرين و العلماء و الفقهاء و المؤرخين و الادباء و الشعراء ،
الكثير منهم خالطه و اجتمع به و تبادل معه مجالس العلم و الادب نذكر منهم
العلامة قاسم بن سعيد بن محمد العقباني المتوفي سنة 837 هـ ، و العلامة
محمد بن أحمد بن مرزوق المتوفي سنة 842 هـ ، و العالم الصوفي ابراهيم
التازي المتوفي سنة 866 هـ ، و العلامة الفقيه محمد بن يحي التلمساني
المعروف بابن الحابك المتوفي سنة 867 هـ ، و العلامة محمد بن ابي القاسم بن
محمد بن يوسف بن عمرو بن شعيب السنوسي المتوفي سنة 895 هـ ، و العلامة
احمد بن زكري التلمساني المتوفي سنة 899 هـ ، و ابن مرزوق الكفيف المتوفي
سنة 901 هـ ، و العلامة احمد ين يحي الونشريسي المتوفي 914 هـ و غيرهم، مما
جعله يستفيد فائدة عظيمة من علمهم و نصائحهم و إرشاداتهم التي سنرى أثرها
في دعوته فيما بعد .
يشبهه الكثير من المؤرخين و المترجمين الذين
كتبوا عنه و عن جهاده و دفاعه لنشر الإسلام الصحيح و محاربة البدع و
المنكرات بشيخ الإسلام ابن تيمية نفسه الذي تأثر به و بأفكاره و كتبه و
رسائله التي كانت تصل إلى الشطر الغربي من العالم الإسلامي ، و ( يقال انه
كانت بينهما مراسلات و هو ما أجاب عنه الدكتور عمار هلال في مقالة له نشرها
بجريدة المجاهد الجزائرية بتاريخ 20 / 06 / 1985 م حيث ذكر أنه : " في
المؤلفات الجزائرية التي لها علاقة بالعلوم الإسلامية : فقه و تفسير و حديث
...الخ في القرن الخامس عشر الميلادي ، هل نجد أي إشارة إلى ابن تيمية أو
إلى أعماله ؟ ليس من السهل الإجابة عن هذا السؤال ، و لكن ما يسمح لنا
بالاعتقاد هو أن المغيلي نفى نفسه إلى الصحراء الجزائرية حيث كانت
المواصلات حينئذ من الصعوبة بمكان و مع هذا فان فتاتا من المعلومات التي
وصلتنا من تلك المنطقة الواسعة للشرق الاوسط تجعلنا نفكر بان ابن تيمية قد
تمنى كثيرا أن يعرف ابن عبد الكريم المغيلي ، المهم هو أن كلاً منهما قد
قام بعمله بدافع حماسته للإسلام حتى لو أنهما لم يلتقيا ، و المهم كذلك هو
أن الرسالة التي أرادا نقلها وصلت تماما إلى الذين أرادا استقطابهم ليصبحوا
مؤمنين صالحين " كما كانت له مراسلات و مناظرات مع الإمام السيوطي ، نقلها
ابن مريم في كتابه " البستان في ذكر الأولياء والعلماء بتلمسان " أثناء
ترجمته للمغيلي.
الإمام المصلح و نازلة توات:
نقم الإمام المغيلي و انزعج من سلوك سلاطين
تلك الفترة الذين كانوا يحكمون مملكة تلمسان و بجاية ، و بعد سخطه على
أفعالهم و خاصة على الكيفية التي يعالجون بها رعاياهم ، و بعد أن اثر فيه
سكوت أو تغاضي المثقفين و رجال العلم ، هاجر الإمام إلى منطقة تمنطيط بتوات
أدرار، وكان لومه على السلاطين بسبب '' عدم امتثالهم لا في حياتهم الشخصية
و لا في كيفية حكمهم الى قواعد الاسلامإن
قصور توات وتيكرارين تمنطيط و أسملال و أولف و زاوية كونتة و فتوغيل ،
كلها أسماء تشهد لهذا الإمام دهاده و دعوته ، هذه المناطق التي زارها صال و
جال فيها يقوم بمهمة الدعوة إلى الله و الإصلاح ، و نشر المبادئ الإسلامية
الصحيحة النقية كما عرفها السلف الصالح رضوان الله عليهم ، و قد احتضنته
القبيلة العربية الأصيلة بني سعيد ، حيث عاش بينهم كواحد منهم يحترمونه و
يبجلونه و يستمعون إلى دروسه و يتبعون دعوته حتى بدأ يكتشف دسائس اليهود
الذين كانوا يعيشون في المنطقة منذ زمن بعيد ، وكانوا يستحوذون على السلطة
الاقتصادية و الموارد المالية وأفسدوا الأخلاق والذمم - كما هي عادتهم
دائما عليهم لعنة الله – حيث أنهم كانوا يتحكمون في اكبر كنز في الصحراء
ألا و هو : الماء ، كما أنهم قاموا ببناء معبد لهم في واحة تمنطيط خارقين
بذلك العهود التي بينهم و بين المسلمين، وقد شن عليهم المغيلي حربا شعواء
لا هوادة فيها لوضع حد نهائي لتجاوزاتهم و استهانتهم بالدين الإسلامي ، لقد
ضيق عليهم الخناق و بذلك ظهرت ما يسمى "بنازلة توات".
(( وأصل المشكلة التي طرحت على الفقيه
الإمام المغيلي ، هو أن بعض المسلمين من "توات"، تلك الناحية المتواجدة في
وسط الصحراء الجزائرية، والتي تضم عددا من الواحات أو القصور كما يسميها
سكان الجنوب، وأهمها في القديم واحة "تمنطيط"،
وهي لا تزال موجودة إلى يومنا هذا، وقد تفوقت عليها في العصر الحاضر مدينة
أدرار، وتمنطيط هي اليوم ضمن ولاية أدرار. قلت إن بعض المسلمين من توات،
قد أنكروا على اليهود القاطنين في المنطقة، سلوكهم، ومخالفتهم للقوانين،
وللتراتيب التي حددها لهم الفقهاء المسلمون، على مر العصور. وتفاقمت الأزمة
بعد أن شيد أولئك السكان من اليهود، كنيسة جديدة لهم في "تمنطيط". وقد
أثار هذا الخبر ثائرة المسلمين ، الذين اعتبروا تشييد معبد جديد، مخالفة
صريحة للشريعة التي تسمح للذميين بإصلاح معابدهم القديمة فقط، وتحظر عليهم
بناء معابد جديدة، غير أن بعض العلماء المحليين، وعلى رأسهم قاضي المدينة،
خالفوا أولئك النفر من المسلمين وقالوا: إن اليهود ذميون، لهم ما لأهل
الذمة من الحقوق المنصوص عليها في كتب الفقه. وقد
احتج كل فريق بآيات قرآنية كريمة و بأحاديث نبوية شريفة ، وبأقوال السلف
من الأئمة والفقهاء، غير أن كلا الفريقين لم يقو على فرض آرائه، وعلى
استمالة عامة الناس إليه. وكان في مقدمة الناقمين على اليهود، العالم
الكبير محمد بن عبد الكريم المغيلي. وقد اشتهر هذا الفقيه بنشاطه، وبحيويته
في الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وفي نشر تعاليم الإسلام و محاربة
البدع و الخرافات خاصة ببلاد الزنوج – كما سنرى – حيث اصدر فتوى أكد من
خلالها: " أن سيطرة اليهود على عموم نواحي الحياة في تلك الديار، وبخاصة
النواحي الاقتصادية، يتنافى مع مبدأ الذلة والصغار التي اشترطها الإسلام
مقابل حمايتهم وعيشهم بين ظهراني المسلمين، وعليه فإن هذا التفوق لليهود
وإمساكهم بزمام السلطة من خلال سيطرتهم على التجارة،يستوجب في نظر هذا
العالم - محاربتهم وهدم كنائسهم وكسرشوكتهم ليعودوا إلى الذل والصغار".
وقد أثارت هذه الفتوى، من قبل الإمام
المغيلي، ردود فعل كثيرة في أوساط معاصريه من العلماء بين مؤيد ومعارض.
ولما حمي الوطيس بين الفريق المناصر لمحمد بن عبد الكريم المغيلي، والفريق
المعارض له، واشتد الخلاف بين المسلمين، راسل كلا الفريقين أكبر علماء
العصر في تلمسان، وفي فاس، وفي تونس، وكانت المدن الثلاث العواصم السياسية،
والدينية، والثقافية للأجزاء الثلاثة من المغرب الإسلامي. قلت راسل
الفريقان كبار علماء العصر، يستفتيانهم في القضية، وكان كل فريق يأمل تأييد
موقفه ضد موقف الفريق الآخر، المتهم بمخالفة تعاليم الشريعة.
وقد أورد الإمام الفقيه أحمد الونشريسي في
موسوعته الفقهية المعيارالمعرب، مختلف الفتاوى التي تلقاها الفريقان، فكان
ممن عارضوا المغيلي علماء من تلمسان و فاس، وعلى رأسهم الفقيه عبد الرحمن
بن يحيى بن محمد بن صالح العصنوني المعروف بشرحه على التلمسانية، و قاضي
توات أبو محمد عبد الله بن أبي بكر الاسنوني.
أما العلماء المؤيدين فقد كان على رأسهم
الأئمة الأعلام محمد بن عبد الله بن عبد الجليل التنسي مؤلف الكتاب في ضبط
القرآن الكريم "الطراز على ضبط الخراز" ، و محمد بن يوسف السنوسي، أبو عبد
الله التلمساني الحسني عالم تلمسان و صالحها ، و أحمد بن محمد بن زكري
المانوي أبو العباس المغراوي التلمساني مفتي تلمسان في زمنه.
الميم نسبة إلى مغيلة قبيلة من البربر استوطنت تلمسان ووهران و المغرب
الأقصى، وهي فرع من قبيلة صنهاجة كبرى شعوب الأفارقة البيض (انظر وصف
إفريقيا 1/36،38)] ولد في مدينة تلمسان سنة 790 هـ / 1425 م ، من عائلة
راقية النسب ، و مشهورة بالعلم و الدين و الشجاعة في الحروب و هو يعتبر
العالم رقم عشرين في سلالة المغيليين التي تبتدأ بإلياس المغيلي [ و هو ذلك
العالم البربري الذي اعتنق الاسلام ، وحمل لواء الجهاد فكان له شرف
المشاركة مع طارق بن زياد في فتح الأندلس ]، والده عبد الكريم اشتهر بالعلم
و الصلاح ، كما أن أمه اشتهرت بأنها سيدة فاضلة تحب الفقراء و المساكين و
تنفق عليهم بسخاء، و قد قام هذان الوالدان بتربيته و تنشئته تنشئة حسنة .
طلبه العلم و شيوخه:
حفظ القرآن الكريم على يد والده و الذي علمه
أيضا مبادئ العربية من نحو و صرف و بيان كما قرأ عليه أيضا موطأ الامام
مالك و كتاب ابن الحاجب الاصلي ، انتقل بعدها ليدرس عند الإمام الفقيه محمد
بن أحمد بن عيسى المغيلي الشهير بالجلاب التلمساني ( ت سنة 875 هـ )، و
الذي أخذ عنه بعض التفسير و القراءات ، ولقنه الفقه المالكي ، فقد ذكر
المغيلي انه ختم عليه المدونة مرتين ، و مختصر خليل و الفرائض من مختصر ابن
الحاجب ، و الرسالة.
كما تلقى العلم عن علماء و شيوخ تلمسان منهم :
- عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن علي بن يحيى الحسني أبو يحيى التلمساني ( 826 و
قيل 825 هـ ) ، عالم بالتفسير حافظ محدث من أكابر فقهاء المالكية ، قال
عنه أحمد بابا في [ نيل الابتهاج ص 171] : " بلغ الغاية في العلم والنهاية
في المعارف الإلهية وارتقى مراقي الزلفى ورسخ قدمه في العلم وناهيك بكلامه
في أول سورة الفتح ولما وقف عليه أخوه عبد الله كتب عليه : وقفت
على ما أولتموه وفهمت ما أردتموه فألفيته مبنيا على قواعد التحقيق
والإيقان ، مؤديا صحيح المعنى بوجه الإبداع والإتقان بعد مطالعة كلام
المفسرين ومراجعة الأفاضل المتأخرين".
- محمد بن إبراهيم [ بن يحي حسب الونشريسي
في المعيار ] بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله ابن الإمام أبو الفضل
التلمساني ( ت 845 هـ ) " عالم بالتفسير والفقه مشارك في علوم الأدب والطب
والتصوف من أهل تلمسان، قال عنه
السخاوي في ( الضوء اللامع 10/740) : " ارتحل في سنة عشر وثمانمائة فأقام
بتونس شهرين ثم قدم القاهرة فحج منها وعاد إليها ثم سافر إلى الشام فزار
القدس وتزاحم عليه الناس بدمشق حين علموا فضله وأجلوه ." انتقل
بعدها الى بجاية حيث أخذ عن علمائها التفسير و الحديث الشريف ، و الفقه و
كانت بجاية حينئذ احدى حواضر العلم و الثقافة العربية الإسلامية،و كيف لا
يقصدها و قد اصبحت قبلة العلم والعلماء، إذا كانت هذه الحاضرة قد استعانت
بعلماء المشرق في نشر العلم ، ثم سرعان ما أنجبت وخرجت علماء كثيرين سار
بذكرهم الركبان ليس فقط في المغرب الأوسط أو المغرب الكبير بل وذاع صيتهم
في المشرق العربي حيث تولى بعضهم التدريس والقضاء في الشام وبغداد و مصر انكب المغيلي على الدراسة في بجاية ، تلقى خلالها علوم جمة على يد علماء أجلاء أمثال:
- الشيخ أحمد بن إبراهيم البجائي (ت سنة 840هـ/1434م)، إمام جليل، اشتهر بالتفسير و الفقه، تتلمذ له المفسر المشهور الثعالبي.
- منصور بن علي عثمان - أبو علي الزواوي
المنجلاتي، من فقهاء و علماء بجاية ، و من ذوي العصبية و القوة فيها ، و
كان من أصحاب الرأي و التدخل في الأحداث السياسية لمكانته المرموقة.
قال عنه السخاوي في الضوء اللامع : " رأيت من قال انه الزواوي العالم الشهير ، و انه مات بتونس 846 هـ "
كما أخذ عن غيرهم من العلماء منهم يحيى بن
نذير بن عتيق أبو زكريا، التدلسي: " القاضي، من كبار فقهاء المالكية، من
أهل تدلِّس، تعلم بتلمسان وولي القضاء بتوات، أخذ عنه محمد بن عبد الكريم
المغيلي " [ تعريف الخلف 1: 196] و
ابي العباس الوغليسي، و يذكر المغيلي: " أنه قرأ الصحيحين ، و السنن و
موطأ الإمام مالك ، و الفقه المالكي ، و لم يكتف عبد الكريم المغيلي بما
تحصل عليه من علوم في تلمسان و بجاية بل راح يبحث الاستزادة من رحيق
المعرفة، فتوجه مباشرة إلى الجزائر أين اتصل بالمفسر المشهور - عبد الرحمن
بن محمد بن مخلوف بن طلحة الثعالبي صاحب التفسير المشهور (الجواهر الحسان) ،
و لازمه ملازمة لصيقة ، و قد أعجب الإمام الثعالبي بالطالب المغيلي و
بفطنته و ذكائه ، فزوجه ابنته اعترافا منه بعلمه و فقهه و أدبه.
العلماء في عصر المغيلي :
عاش الامام المغيلي في فترة شهدت بروز
العديد من المفسرين و العلماء و الفقهاء و المؤرخين و الادباء و الشعراء ،
الكثير منهم خالطه و اجتمع به و تبادل معه مجالس العلم و الادب نذكر منهم
العلامة قاسم بن سعيد بن محمد العقباني المتوفي سنة 837 هـ ، و العلامة
محمد بن أحمد بن مرزوق المتوفي سنة 842 هـ ، و العالم الصوفي ابراهيم
التازي المتوفي سنة 866 هـ ، و العلامة الفقيه محمد بن يحي التلمساني
المعروف بابن الحابك المتوفي سنة 867 هـ ، و العلامة محمد بن ابي القاسم بن
محمد بن يوسف بن عمرو بن شعيب السنوسي المتوفي سنة 895 هـ ، و العلامة
احمد بن زكري التلمساني المتوفي سنة 899 هـ ، و ابن مرزوق الكفيف المتوفي
سنة 901 هـ ، و العلامة احمد ين يحي الونشريسي المتوفي 914 هـ و غيرهم، مما
جعله يستفيد فائدة عظيمة من علمهم و نصائحهم و إرشاداتهم التي سنرى أثرها
في دعوته فيما بعد .
يشبهه الكثير من المؤرخين و المترجمين الذين
كتبوا عنه و عن جهاده و دفاعه لنشر الإسلام الصحيح و محاربة البدع و
المنكرات بشيخ الإسلام ابن تيمية نفسه الذي تأثر به و بأفكاره و كتبه و
رسائله التي كانت تصل إلى الشطر الغربي من العالم الإسلامي ، و ( يقال انه
كانت بينهما مراسلات و هو ما أجاب عنه الدكتور عمار هلال في مقالة له نشرها
بجريدة المجاهد الجزائرية بتاريخ 20 / 06 / 1985 م حيث ذكر أنه : " في
المؤلفات الجزائرية التي لها علاقة بالعلوم الإسلامية : فقه و تفسير و حديث
...الخ في القرن الخامس عشر الميلادي ، هل نجد أي إشارة إلى ابن تيمية أو
إلى أعماله ؟ ليس من السهل الإجابة عن هذا السؤال ، و لكن ما يسمح لنا
بالاعتقاد هو أن المغيلي نفى نفسه إلى الصحراء الجزائرية حيث كانت
المواصلات حينئذ من الصعوبة بمكان و مع هذا فان فتاتا من المعلومات التي
وصلتنا من تلك المنطقة الواسعة للشرق الاوسط تجعلنا نفكر بان ابن تيمية قد
تمنى كثيرا أن يعرف ابن عبد الكريم المغيلي ، المهم هو أن كلاً منهما قد
قام بعمله بدافع حماسته للإسلام حتى لو أنهما لم يلتقيا ، و المهم كذلك هو
أن الرسالة التي أرادا نقلها وصلت تماما إلى الذين أرادا استقطابهم ليصبحوا
مؤمنين صالحين " كما كانت له مراسلات و مناظرات مع الإمام السيوطي ، نقلها
ابن مريم في كتابه " البستان في ذكر الأولياء والعلماء بتلمسان " أثناء
ترجمته للمغيلي.
الإمام المصلح و نازلة توات:
نقم الإمام المغيلي و انزعج من سلوك سلاطين
تلك الفترة الذين كانوا يحكمون مملكة تلمسان و بجاية ، و بعد سخطه على
أفعالهم و خاصة على الكيفية التي يعالجون بها رعاياهم ، و بعد أن اثر فيه
سكوت أو تغاضي المثقفين و رجال العلم ، هاجر الإمام إلى منطقة تمنطيط بتوات
أدرار، وكان لومه على السلاطين بسبب '' عدم امتثالهم لا في حياتهم الشخصية
و لا في كيفية حكمهم الى قواعد الاسلامإن
قصور توات وتيكرارين تمنطيط و أسملال و أولف و زاوية كونتة و فتوغيل ،
كلها أسماء تشهد لهذا الإمام دهاده و دعوته ، هذه المناطق التي زارها صال و
جال فيها يقوم بمهمة الدعوة إلى الله و الإصلاح ، و نشر المبادئ الإسلامية
الصحيحة النقية كما عرفها السلف الصالح رضوان الله عليهم ، و قد احتضنته
القبيلة العربية الأصيلة بني سعيد ، حيث عاش بينهم كواحد منهم يحترمونه و
يبجلونه و يستمعون إلى دروسه و يتبعون دعوته حتى بدأ يكتشف دسائس اليهود
الذين كانوا يعيشون في المنطقة منذ زمن بعيد ، وكانوا يستحوذون على السلطة
الاقتصادية و الموارد المالية وأفسدوا الأخلاق والذمم - كما هي عادتهم
دائما عليهم لعنة الله – حيث أنهم كانوا يتحكمون في اكبر كنز في الصحراء
ألا و هو : الماء ، كما أنهم قاموا ببناء معبد لهم في واحة تمنطيط خارقين
بذلك العهود التي بينهم و بين المسلمين، وقد شن عليهم المغيلي حربا شعواء
لا هوادة فيها لوضع حد نهائي لتجاوزاتهم و استهانتهم بالدين الإسلامي ، لقد
ضيق عليهم الخناق و بذلك ظهرت ما يسمى "بنازلة توات".
(( وأصل المشكلة التي طرحت على الفقيه
الإمام المغيلي ، هو أن بعض المسلمين من "توات"، تلك الناحية المتواجدة في
وسط الصحراء الجزائرية، والتي تضم عددا من الواحات أو القصور كما يسميها
سكان الجنوب، وأهمها في القديم واحة "تمنطيط"،
وهي لا تزال موجودة إلى يومنا هذا، وقد تفوقت عليها في العصر الحاضر مدينة
أدرار، وتمنطيط هي اليوم ضمن ولاية أدرار. قلت إن بعض المسلمين من توات،
قد أنكروا على اليهود القاطنين في المنطقة، سلوكهم، ومخالفتهم للقوانين،
وللتراتيب التي حددها لهم الفقهاء المسلمون، على مر العصور. وتفاقمت الأزمة
بعد أن شيد أولئك السكان من اليهود، كنيسة جديدة لهم في "تمنطيط". وقد
أثار هذا الخبر ثائرة المسلمين ، الذين اعتبروا تشييد معبد جديد، مخالفة
صريحة للشريعة التي تسمح للذميين بإصلاح معابدهم القديمة فقط، وتحظر عليهم
بناء معابد جديدة، غير أن بعض العلماء المحليين، وعلى رأسهم قاضي المدينة،
خالفوا أولئك النفر من المسلمين وقالوا: إن اليهود ذميون، لهم ما لأهل
الذمة من الحقوق المنصوص عليها في كتب الفقه. وقد
احتج كل فريق بآيات قرآنية كريمة و بأحاديث نبوية شريفة ، وبأقوال السلف
من الأئمة والفقهاء، غير أن كلا الفريقين لم يقو على فرض آرائه، وعلى
استمالة عامة الناس إليه. وكان في مقدمة الناقمين على اليهود، العالم
الكبير محمد بن عبد الكريم المغيلي. وقد اشتهر هذا الفقيه بنشاطه، وبحيويته
في الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وفي نشر تعاليم الإسلام و محاربة
البدع و الخرافات خاصة ببلاد الزنوج – كما سنرى – حيث اصدر فتوى أكد من
خلالها: " أن سيطرة اليهود على عموم نواحي الحياة في تلك الديار، وبخاصة
النواحي الاقتصادية، يتنافى مع مبدأ الذلة والصغار التي اشترطها الإسلام
مقابل حمايتهم وعيشهم بين ظهراني المسلمين، وعليه فإن هذا التفوق لليهود
وإمساكهم بزمام السلطة من خلال سيطرتهم على التجارة،يستوجب في نظر هذا
العالم - محاربتهم وهدم كنائسهم وكسرشوكتهم ليعودوا إلى الذل والصغار".
وقد أثارت هذه الفتوى، من قبل الإمام
المغيلي، ردود فعل كثيرة في أوساط معاصريه من العلماء بين مؤيد ومعارض.
ولما حمي الوطيس بين الفريق المناصر لمحمد بن عبد الكريم المغيلي، والفريق
المعارض له، واشتد الخلاف بين المسلمين، راسل كلا الفريقين أكبر علماء
العصر في تلمسان، وفي فاس، وفي تونس، وكانت المدن الثلاث العواصم السياسية،
والدينية، والثقافية للأجزاء الثلاثة من المغرب الإسلامي. قلت راسل
الفريقان كبار علماء العصر، يستفتيانهم في القضية، وكان كل فريق يأمل تأييد
موقفه ضد موقف الفريق الآخر، المتهم بمخالفة تعاليم الشريعة.
وقد أورد الإمام الفقيه أحمد الونشريسي في
موسوعته الفقهية المعيارالمعرب، مختلف الفتاوى التي تلقاها الفريقان، فكان
ممن عارضوا المغيلي علماء من تلمسان و فاس، وعلى رأسهم الفقيه عبد الرحمن
بن يحيى بن محمد بن صالح العصنوني المعروف بشرحه على التلمسانية، و قاضي
توات أبو محمد عبد الله بن أبي بكر الاسنوني.
أما العلماء المؤيدين فقد كان على رأسهم
الأئمة الأعلام محمد بن عبد الله بن عبد الجليل التنسي مؤلف الكتاب في ضبط
القرآن الكريم "الطراز على ضبط الخراز" ، و محمد بن يوسف السنوسي، أبو عبد
الله التلمساني الحسني عالم تلمسان و صالحها ، و أحمد بن محمد بن زكري
المانوي أبو العباس المغراوي التلمساني مفتي تلمسان في زمنه.
الشيخ محمد بن عبد الكريم المغيلي الذي حارب اليهود الجزائريين
بقبيلة مغيلة يتلمسان في النصف الاخير من القرن 15نشأ بهاثم إنتقل الى
العاصمة أين تتلمذ على يد الشيخ عبد الرحمان الثعالبي و على الشيخ يحي بن
إيدير وقد أثر تكوينه على مواقفه من التجاوزات اليهودية عشية سقوط الاندلس
الاسلامية
بمجرد أن أتم دراسته بالشمال إنتقل الى الصحراء و إستقر بمدينة توات
\بالقرب من تقرت و لم يعد الى تلمسان التي تركها ساخطا مغتاظا من سيطرة
اليهود على مقاليد السلطة و إكتشف أيضا ان واحتي تقرت و تمنطيط كانتا
تعيشان نفس الوضعية حيث كان اليهود وهم الحكام الحقيقون نظم كل طاقاته في
صيغة حملة عسكرية لطرد اليهود إبتداء من سنة 1488
أيده في مشروعه كل من الشيخ محمد بن عبد الجليل التنسي و الشيخ السنوسي
فقصد كنائس اليهود و دمرها عن أخرها ظهرتبعض جيوب المقاومة في أواسطهم
طاردهم و لاحقهم حتى مالي و النيجر التي كانت تسمى ببلاد السودان كلفته هذه
العملية حياة إبنه عبد الجبار المغيلي الذى قتله اليهود
حركة المغيلي لم تكن نابعة من موقف ديني فقط بل ايضا من كراهية شخصية
لليهود حيث يقول في كتابه مصباح الارواح في اصول الفلاح فمن لا يبعد نفسه و
أهله و ماله و جميع اعماله عن الكفار فهو اجهل من الحمار لانه لا عدو لنا
مثل أعداء نبينا و سيدنا محمد
و لتبرير موقفه يستعرض بعض الحوادث العامة كقوله أن قاض شغل عنده يهوديا
ليغسل له ثيابه إذلالا له فوجئ عند عودته الى البيت بان وجده يبول عليها
.....و اليهودية التي رأها تعجن خبزمسلم و تضع له القمل من رأسها
من اهم مؤلفاته :البدر المنير في علم التفسير .. تنبيه الغافلين عن مكر
الملبسين و أكثر من 14 مؤلفا ومجموعة من القصائد في مدح الرسول الكريم
أمضى المغيلي بقية حياته في توات الى ان توفي سنة 1504م
تصور اخي .....لم يمضى وقت طويل من وفاته حتى إحتل الاسبان مدينة وهران
بواسطة وشاية اليهودي سطورة او شطورا الاشبلي و لهذا ارشدك لدراسة هذا
الموضوع الذى كتبنا فيه في نفس المنتدى اليهودي الذي باع مدينة وهران
.....تابع اخي بارك الله فيك
فكر المغيلي يدرس الان في الجامعات الاسرائلية...؟.لكم التعليق إخوتي عن الموضوع
مواضيع مماثلة
» أسباب نزول القرآن الكريم
» لهجتنا الجزائرية والقرآن الكريم
» أنبياء لم يذكروا في القران الكريم
» محمد بن صالح العثيمين
» *** شاعر الثورة الجزائرية محمد الشبوكي ***
» لهجتنا الجزائرية والقرآن الكريم
» أنبياء لم يذكروا في القران الكريم
» محمد بن صالح العثيمين
» *** شاعر الثورة الجزائرية محمد الشبوكي ***
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى